إنه النشاط الثالث للجمعية البريطانية- السورية برئاسة د. فواز الأخرس وحضور الوفد الحكومي ورئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس على المدرج الرئيسي في جامعة دمشق.
نشاط برنامج هذا العام تناول الواقع السوري بأكثر من جانب، ولكن هذه المرة جاء بالتزامن مع محاولة التحضير لمرحلة ما بعد الحرب، بعدما خفت صوت أزيز الرصاص، وضرورة الاستعداد للمرحلة القادمة.
ساد جو من النقاش والمصارحات بين الحضور والمحاضرين وأصحاب القرار حول الكثير من القضايا المطروحة للنقاش سواء في مجال القضاء أو التنمية الإدارية أو واقع القطاع العام، أو التشريع والتشريعات المعتمدة في سورية.
أدار د. الأخرس رئيس الجمعية البريطانية- السورية الجلسات بكثير من الدقة والالتزام بالوقت، وكانت مداخلاته بين الفينة والأخرى تركز على ضرورة الحديث بشفافية من قبل الحضور وتقبل ما يقال من قبل المسؤولين.
عدّ د.الأخرس المرحلة القادمة بالأكثر خطورة وتعقيداً، من كل المعاناة التي مرّت على سورية، وتشكل مفصلاً، وتتطلب اتخاذ القرار, ووضع الخطط المناسبة لعلاج المشكلات التي يعاني منها المواطن.
وأضاف د.الأخرس أن هنالك دولاً عديدة أنهكتها الحرب، لكنها نهضت بالاعتماد على إعادة بناء الإنسان قبل الإسمنت لأنه الأولوية، حيث وضعت تلك الدول خططاً نفذها أبناؤها بعيداً عن الفساد الذي خرب حياة المواطن السوري.
المواطن الذي يعاني ارتفاع أسعار مواد التدفئة والتغذية والأدوية، ليس بسبب سياسات الحصار الخارجي فقط، وإنما بسبب غياب الخطة الشاملة للتعامل مع تلك الأزمات.
أضاف رئيس الجمعية البريطانية- السورية: إن الحكومة وضعت برنامجاً وطنياً تنموياً للخروج من حالة الحرب إلى السلم، وعقد المؤتمر لمناقشة وبحث ما يمكن تنفيذه، وذلك بالاطلاع والاستماع إلى طرح الجانب الحكومي ومداخلات الخبراء، وأسئلة المشاركين لتوسيع قاعدة النقاش.
وكانت موضوعات إنجازات البرنامج الوطني للإصلاح الإداري، وكفاءة واستقلالية القضاء والمؤسسات الرقابية والتفتيشية ومتطلبات مكافحة الفساد النصيب الأكبر من المداخلات، وربما الانتقادات.
عضو المحكمة الدستورية العليا والأستاذ الجامعي الدكتور سعيد النحيلي استعرض بعضاً من واقع القضاء واستقلاليته وضرورة حمايته من التبعية لأي جهة أخرى، والمساواة بين القضاة في الحقوق والواجبات، وضرورة الجمع بين الكفاءة والمهنية عند تعيين القضاة، وهنا حصل الكثير من المداخلات التي تفصل في واقع عمل القضاة، إذا بيّن أمين سر نقابة المحامين القاضي أحمد خليل أنه يجب البحث في شروط عمل القضاة قبل تقييم أدائهم، فهم يعملون بلا مكاتب، ويمضون الكثير من الأيام يتابعون أعمالهم على ضوء الشمعة ويلتحفون الحرامات للتدفئة لغياب التدفئة والإنارة، وأضاف القاضي خليل إنه يقرأ يومياً أكثر من ثلاثة آلاف صفحة على هذه الحال، ورأى أن الحديث عن تعديل التشريعات التي طرحت خلال الورشة أمر مهم، لكن العمل على البنية التحتية هو الأهم، فالقاضي يعمل أكثر من 18 ساعة في اليوم، وفي نهاية الدوام عليه أن يصطف على دور طابور الخبز وجرة الغاز.
رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس أكد وجود مشكلة قديمة في البنية التحتية لأماكن وجود القضاة، وأنهم يعملون على ضرورة إعطاء مساكن، وأنهم يفعلون ذلك عندما تسمح الظروف، كما حصل في اللاذقية مثلاً عندما أعطوا مبنى لوزارة الكهرباء إلى العدل، أما موضوع الدخل المنخفض للقضاة فرد رئيس مجلس الوزراء أن هذا ينطبق على القضاة كما غيرهم، وأنه عند إعلان الانتصار هناك رؤية زمنية لزيادة الرواتب.
وعن فكرة المقرات ذكر الدكتور الأخرس أنه في المؤتمر القضائي الدولي الذي عقد في 2006 كان هناك حديث عن نقص الأبنية، وعندما سئل رئيس مجلس الوزراء آنذاك قال: لدينا أبنية ولا توجد طلبات للنقل إليها، مضيفاً د.الأخرس إنه يجب عدم إحالة كل الأمور إلى الأزمة والحرب.
بعيدة المدى
وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة سلام سفاف استعرضت إنجازات البرنامج الوطني وحددتها بثلاثة محاور وهي: رسم السياسات العامة للتشغيل في الوظيفة العامة، ومركز خدمة الموارد البشرية في الدولة، وتنمية القدرات البشرية، وأنه في الميدان العملي تم تدريب نحو 51 معاون وزير، و189 مديراً عاماً، و145 مديراً مركزياً.
وقد أثارت آلية عمل الوزارة الكثير من الانتقادات والجدل للحضور، فقد تساءلت عضو مجلس الشعب د.أشواق عباس عما يقدمه المشروع للمواطن الذي هو الهدف؟ وما هي فلسفة هذا المشروع، وهل هو مناسب للحالة السورية؟ مؤكدة حالة الاستياء التي أحسها الكثير من الذين خضعوا لهذه الدورات، أما الدكتورة سفاف فوصفت المشروع بالعظيم وأنه اختراع عالمي وليس من اختراع الحكومة السورية فقط، وأن من يجد صعوبة في فهم المشروع لديه خلل في فهم العمل الإداري، وأن نتائج عملهم بعيدة المدى.
ومن بين القضايا الأزلية في سورية هي قضية القطاع العام وعلاقته بالخاص والنوع الاقتصادي المعتمد، فقد قدّم رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور عماد صابوني برنامجاً لإصلاح القطاع العام الاقتصادي والتكامل مع القطاعات الإدارية والخدمية الأخرى، وللحقيقة كان هذا المحور من بين القضايا الأكثر بحثاً وتكراراً لواقعه وعلاجه ولكن مع فارق أننا الآن نخرج من حرب تركت معها مشاكل جديدة تحتاج إلى حلول مع جملة القضايا الاقتصادية الأخرى، فقد ذكر د.صابوني أن هناك 230 جهة عامة، ونحو 100 مؤسسة تتوزع منها 130 شركة، وأنه لا يمكن إصلاح القطاع العام من دون توضيح العلاقة مع الخاص، وأن الإصلاح يجب أن يشمل علاج المشكلات على المستوى الاقتصادي والإداري، وضرورة الانطلاق مهما كانت التكلفة لتكون شركاتنا جاهزة فيما بعد الحرب ويصبح دورها ذراعاً تحمي الاقتصاد السوري لا عبئاً عليه.
وكانت محاضرة الأستاذ الجامعي د.عقبة الرضا عن الحوكمة والإدارة الرشيدة ودورها في تعزيز اللامركزية، ورأى د.الرضا أن نظام الحوكمة يرعب الحكومات لأنه يتضمن مكافحة الفساد، وأن ركائز الحوكمة هي سيادة القانون والقيادة المسؤولة والمساءلة والنزاهة والشفافية، والعدالة ومكافحة الفساد، وعندما سأل د.الأخرس المحاضر: كم مرة استخدمت فيها الحوكمة؟ كان الجواب أنه لا يوجد أي تطبيق للحوكمة في سورية.
وعن حالة البيئة التشريعية والتنظيمية ودور البرنامج الوطني لتحديث وتطوير التشريعات قدّم نائب رئيس مجلس الدولة ومدير مديرية الدراسات والاستشارات القانونية في رئاسة مجلس الوزراء الدكتور محمود صالح واقعاً غير مرض لحال التشريع في سورية الذي يمتد على ثلاث حقب من فترة ما قبل السبعينيات ومن ثم الثمانينيات وبعد فترة 2000، وأن التشريعات الأخيرة تشكل نحو 68% من التشريعات النافذة، وأن الخطوات خجولة في موضوع مسألة صياغة التشريعات، وضرورة تقييم الأثر التشريعي.
وكانت المداخلات ركزت على ضرورة إعادة النظر بكل التشريعات التي يعود بعضها لأكثر من مئة عام مضى، وليس اعتماد طريقة التخدير الموضوعي بإصلاح النصوص التشريعية.
وفي مداخلة أخرى أكد المهندس خميس أن الحكومة وضعت خطة عمل على أربع مراحل:
• الأولى للإغاثة والاستجابة للحاجات، وهذه المرحلة تمتد حتى انتهاء الحرب عسكرياً، وتركز على الاستجابة للاحتياجات الأساسية.
• الثانية هي مرحلة التعافي، ونشاطات إعادة الإعمار بمفهوم إعادة البنى التحتية.
• الثالثة الانتعاش وتهدف للبدء بإعادة رسم ملامح الاقتصاد.
• الرابعة وهي الاستدامة التنموية، وتشهد وضع السياسات التي تؤمن الاستدامة للاقتصاد الحديث.
وسيتم العمل على خمس مراحل مترابطة، كالمحور المؤسساتي والخدمي والإنساني والمصالحة الوطنية لتعزيز الهوية الوطنية، ولتحقيق ذلك تم التعاقد مع 200 مشارك من العاملين في مختلف الجهات العامة، إضافة للجنة تنسيق، وسيتم عرض المشروع على كل مكونات الوطن لتلقي الملاحظات والخروج برؤية قابلة للتنفيذ.
وأضاف المهندس خميس: تم تحديد «برنامج سورية 2030» بمجتمع مزدهر معاصر معتمد على ذاته منفتح على الثقافات الأخرى، يتمتع المواطن برفاه اقتصادي وصحي وتعليمي مميز معتمد على تنمية اقتصادية، وكذلك مجتمع مندمج مع الاقتصاد العالمي يعتمد المعرفة مصدراً أساسياً لنموه.. مجتمع يعتمد سلطة القانون والشفافية والكفاءة، إضافة لوضع برنامج يتضمن رؤى تسمح بالوصول للأهداف الموضوعة.
وعن التحديات لسورية ما بعد الحرب ذكر خميس الحصار والدمار ومحدودية الموارد المالية والبشرية.
ممـا قالـوه:
• قال رئيس مجلس الوزراء إنهم اكتشفوا نقصاً في المعلومات التي تصل إلى المواطنين، وإن المواطن السوري يتميز عن كثير من شعوب العالم بحب المعرفة والاطلاع على كل شيء، وإنهم الآن يعملون على تطوير آلية عمل وصول المعلومة للمواطنين، لأن هنالك تقصيراً في نقل ما بتم عمله يومياً خلال سنوات الحرب وخاصة للمواطنين.
• أضاف رئيس مجلس الوزراء: إن أي حكومة في العالم تتمنى أن تكون رواتب موظفيها بأفضل المؤشرات، ولكن نحن في حرب كانت تستهدف قتل الإنسان وتدمير البنى التحتية، وهذا أثر في الموارد المتاحة.
• وفي مداخلة للمستشارة السياسية والإعلامية الدكتورة بثينة شعبان أكدت على ضرورة إصلاح قانون الأوقاف، وإعادة قوانين الأوقاف إلى ما كانت عليه قبل أن تنتهك في فترة الرئيس الأسبق حسني الزعيم.
• دارين سليمان من الاتحاد الوطني لطلبة سورية قالت: وصلنا لفترة انعدام الثقة بأداء الحكومة، ونريد المكاشفة!
رد رئيس مجلس الوزراء: إذا كان الاتحاد الوطني ليس على دراية بالعمل الحكومي فما حال المواطن؟
تشرين
The post خميس: أي حكومة تتمنى أن تكون رواتب موظفيها بأفضل المؤشرات.. لكن الحرب أثـرت على مـواردنا appeared first on يوميات في دمشق.
from يوميات في دمشق http://bit.ly/2Gn5zFo